الحمد للّه الّذی انشأ فی عالم الکیان غیب الأکوان حقیقة ثابتة نورانیّة فائضة علی الامکان و جعل لها صورة الرّحمن و ابدع فیها من الکمالات الالهیّة و الحقائق الکونیّة بوضوح العیان و جعلها کتاباً مبیناً ناطقاً بأحسن تبیان و احلی و افصح بیان فکانت نقطة جامعة لجمیع الأسرار المودعة فی عالم العرفان و مرکز الوجد و الوجدان فتفصّلت و تکثّرت و انبسطت و توسّعت و کانت مبدء الحروفات و الکلمات فی اللّوح المحفوظ و الرّقّ المنشور و البهآء و الثّنآء و التّحیّة و السّنآء علی الحقیقة الکاملة و الکینونة الشّاملة و الهویّة الجامعة و الجلوة اللّامعة و الشّعشعة السّاطعة و الحجّة الباهرة و النّعمة السّابغة و علی من اقتبس الأنوار من مطلع الأسرار و استفاض من مرکز الآثار الکاشف للأستار المشرق علی الأقطار بهآءً و ثنآءً الی ابد الآباد و سرمد الأحقاب و الأدهار یا من نطقت السن الممکنات بتقدیس ذاته و دلّت جمیع الموجودات بتنزیه صفاته و اثنت علیه کلّ الأشیآء بأحسن بیان و حمده بأبدع تبیان و هو فی حقیقة ذاته و هویّة کینونته مستغنی عن کلّ الأوصاف فلم یصل الیه نعت من نعوت الأسلاف و لا المحامد من الأخلاف ربّ انّی للذّباب الحقیر الطّیران الی اوج عقاب الأثیر و کیف تستطیع عناکب العقول ان تنسج بلعابها فی اعلی رفرف العلی ولو کان مؤیّداً بأشدّ القوی فالذّرّة خاسرة عند وصفها للشّمس الطّالعة و القطرة خائبة اذا ارادت نعت البحور الزّاخرة هذه صفة الامکان و تلک عزّة الرّحمن و قدّس العزیز المنّان فهل من سبیل الی المحامد و النّعوت لا وعزّتک یا ربّ الملکوت انّک انت المنزّه المقدّس المتعالی العزیز الودود فما حیلتی یا ربّی و ما سبیلی یا محبوبی الّا ان ادعوک بلسانی و فؤادی و ارجوک ان تنظر الی الوجوه الباهرة و النّفوس النّاطقة و الحقائق الفائضة بلحظات عین رحمانیّتک و تشملهم بعواطف سلطان فردانیّتک و تؤیّدهم علی الاستقامة فی امرک و الثّبوت علی میثاقک و توفّقهم علی تبلیغ آیاتک و هدایة من فی بلادک حتّی تنشر فی الآفاق مآثرک و تشتهر علی ممرّ الآثار اشراق مظاهرک انّک انت الموفّق المؤیّد الکریم العزیز الودود و انّک انت الرّبّ الرّؤف الجلیل المحمود
ایّها السّائل الجلیل قد سألت عن عدّة مسائل معضلة و طلبت شرحها و بسطها علی ما ینبغی لها و هذا امر یستدعی فرصة من الأوقات و مهلة من النّوائب و البلیّات و انّی لعبدالبهآء مع تشتّت الأحوال و عدم المجال و کثرة الغوائل و وفور المشاغل و الشّواغل لعمرک لا یجد طرفة عین مهلة للرّاحة و لا فرصة للسّکون و الهدنة معذلک سنقصّ علیک بکلام موجز معجز و علیک بأن تهتدی بالاشارة الی الحقیقة و هو انّ نوحة آدم فی سبعین الف سنة لیست عبارة عن السّنین المعروفة و الأعوام المعدودة بل انّما زمن مفروض یستوعب زماناً ممدوداً کیوم القیامة کان منصوصاً بأنّه خمسون الف سنة فقضی بدقیقة واحدة کطرفة عین بل اقلّ من ذلک ولکنّ الأمور الّتی لا تکاد تتمّ الّا فی خمسین الف عام قد تمّت و وقعت و تحقّقت فی آن واحد و هکذا نوحة نوح کانت کالنّیاح الّذی یمتدّ فی سبعین الف سنة هذا عبارة عن ذلک
و امّا ناقة اللّه المذکورة فی سورة النّصح فهی عبارة عن نفسه المقدّسة الّتی وقعت بید الأعدآء فعقروها ای عذّبوها و سلخوها بألسنة حداد و عاقبوها و نقموا منها حتّی احترق بظلمهم الفؤاد فدمدم علیهم ربّهم بذنبهم ای حرّم علیهم المواهب الالهیّة و اخذهم و ترکهم فی غفلتهم و شقوتهم و حرمانهم و جهلهم الی ابد الآباد
و امّا ما ورد فی زیارة سیّدالشّهدآء روح المقرّبین له الفدآء و هی بمصیبتک ترکت النّقطة مقرّها و اتّخذت لنفسها مقاماً تحت البآء اعلم انّ النّقطة مقرّها عنوان کتاب الانشآء و انّ النّقطة تتفصّل بالألف و الألف تتکرّر فی الأعداد فتظهر الحروفات العالیات و الکلمات التّامّات و حیث انّ الشّهادة فی سبیل اللّه عبارة عن المحو و الفنآء و سرّ الفدآء فاقتضی النّقطة تدخل تحت البآء فخرّت مغشیّاً علیها صعقاً حزناً و اسفاً علی سیّدالشّهدآء روح المقرّبین له الفدآء فاستقرّ مغشیّاً علیها تحت البآء
و امّا الآیة المبارکة و یحمل عرش ربّک یومئذ ثمانیة اعلم انّ الثّمانیة حاملة للتّسعة و هذه اشارة انّ عدد الاسم الأعظم المقدّس تسعة لأنّها جالسة علی الثّمانیة الحاملة لعرشها
و امّا ما نزّل فی سورة الحجّ انّ اللّه فرض علی الطّائف ان یستمع ندآء الحقّ حین طوافه و اذا لم یستمع یکرّر الطّواف حتّی یستمع النّدآء فالمراد من النّدآء ندآء الرّحمن فی وادی الأیمن من قلب الانسان و هذا هو البقعة المبارکة الّتی یرتفع منها النّدآء و یسمعها اذن واعیة صاغیة و یحرم عن الاستماع القلوب القاسیة
و امّا الرّعد و البرق فالبرق عبارة عن اجتماع قوّتین عظیمتین السّلبیّة و الایجابیّة ای القوّة الجاذبة و القوّة الدّافعة فمتی اجتمعت هاتان القوّتان یبرق البرق و یخرق الهوآء و یخلو الفضآء ثمّ یرجع الهوآء لمحلّ الخلآء و یحصل منه تموّج فی الهوآء فیتأثّر من تموّج الهوآء عصب الصّماخ فیکون هو الرّعد هذا بیان موجز معجب مقنع مشبع لمن یدرک المعانی مع ایجاز الألفاظ و علیک التّحیّة و الثّنآء ع ع